منتدى الشافعي الثقافي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الشافعي الثقافي

ثقافي اسلامي عام


2 مشترك

    معجزة القرآن وأسراره

    على الإمام
    على الإمام
    عضو جيد
    عضو جيد


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 58
    نقاط : 122
    تاريخ التسجيل : 27/11/2009
    العمر : 58
    العمل/الترفيه : مدرس حاسب آلى

    معجزة القرآن وأسراره Empty معجزة القرآن وأسراره

    مُساهمة  على الإمام الجمعة نوفمبر 27, 2009 9:35 pm

    معجزة القرآن
    في عصر المعلوماتي
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
    [فصلت: 33]
    معجـزة الـقرآن
    في عصـر المعلـوماتية
    رؤية جديدة للإعجاز الرقمي في القرآن الكريم
    ملخص البحث
    من خلال البحث والدراسة توصّلتُ والحمد لله إلى آلاف الحقائق الرقمية اليقينيَّة والمذهلة! والتي تشمل جميع آيات القرآن الكريم وجميع سورِه. لذلك فقد نشأت فكرة عرض هذه الحقائق من خلال سلسلة من الأبحاث، في كل بحث جاء الحديث عن جانب من جوانب هذه المعجزة القرآنية الرائعة.
    وهذا يثبت بأن عجائب القرآن لا تنقضي كما حدّثنا عنها حبيبنا محمَّد صلى الله عليه وآله وسلّم. وأن التناسقات الرقمية الغزيرة لا يمكن أن تأتي عن طريق المصادفة. فنحن نعلم جميعاً بأن المصادفة قد تتكرر في كتب البشر مرة أو مرتين أو عشر مرات على أكبر تقدير، ولكن لا يمكن لهذه المصادفة أن تتكرر مع جميع كلمات الكتاب فتأتي جميعها متناسقة مع الرقم سبعة!
    وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدلّ على أن الذي رتّب حروف القرآن وأحكمها هو ربّ السماوات السبع سبحانه وتعالى. وذلك ليكون في هذه التناسقات الرقمية الدليل المادي لكلِّ ملحد نثبت له من خلالها صدق القرآن العظيم وصدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، وأن هذا النبي الرحيم لم يأت بشيء من عنده، بل كل حرف في هذا القرآن هو من عند الله تبارك وتعالى.
    أما المؤمن فهو معنيٌّ أيضاً بهذه المعجزة ليزداد إيماناً ويقيناً بعَظَمَة هذا القرآن، ولتكون هذه البراهين العددية سلاحاً بيده يستطيع من خلالها مناقشة الملحدين، وإثبات صدق دعوته إلى الله تعالى. فإذا كان الله تبارك وتعالى قد أعطى أنبياءه عليهم السلام معجزات تثبِّتهم على الحقِّ في مواجهة الملحدين بالحُجَّة والبرهان، كذلك أودع في كتابه المجيد معجزات يمكن لكلِّ مؤمن أن يستخدمها في مواجهة غير المسلمين، والإعجاز الرقمي هو أحد هذه البراهين المادية في عصر التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم.
    مـقدمـة
    الحمد لله الذي أتقن كل شيء صنعاً وأحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً، وصلى الله على محمَّد النبيِّ الأميِّ وعلى آله وصحبه وسلّم، أتى ليبلغنا كتاباً من عند الله هو أصدق كتاب على وجه الأرض، ووَصَفه بأنه كتابٌ: ﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42].
    بعد سنوات من الجهد المتواصل تمَّ إصدار الطبعة الأولى من هذا الكتاب، وكنتُ أهدف من خلاله رصد آراء السادة العلماء والأخوة القرَّاء والمهتمّين بهذا المنهج الجديد في دراسة آيات القرآن الكريم. وقد تلقّيتُ العديد من التساؤلات والانتقادات والملاحظات، وجميعها كانت نافعة والحمد لله في تطوير هذا البحث وإغنائه.
    في الفقرات القادمة سنتعرف على أهم أنواع الإعجاز القرآني، وأن المعجزة القرآنية تتطور بتطور العلوم. ففي كل عصر نرى معجزة قرآنية تناسب ذلك العصر والعلوم السائدة فيه. ثم نجيب عن جميع التساؤلات والانتقادات التي يتعرض لها الإعجاز العددي اليوم، وكذلك نقوم بوضع ضوابط وأسس لهذا العلم الناشئ.
    كذلك سوف نرى من خلال الأمثلة الرائعة التي اخترتها في هذا الكتاب أن الإعجاز الرقمي للقرآن الكريم أكبر مما نتصور، ففي مقطع من آية نرى إعجازاً عددياً مذهلاً، وذلك في قوله تعالى عن نفسه: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً﴾ [النساء: 122].
    بل سوف نرى في ثلاثة أحرف من كتاب الله عزّ وجلّ وهي ﴿الـم﴾ معجزة مبهرة وتناسقات غزيرة مع الرقم سبعة، وذلك في الحروف التي تسمّى بالحروف المقطعة أو التي أفضّل تسميتها بالحروف «الممَيَّزة» والتي وضعها الله تعالى في أوائل بعض سور القرآن العظيم.
    وأخيراً نتأمل مثالاً مذهلاً من سورة ﴿يس﴾ نتعرف من خلاله على دقّة وروعة التناسق الرقمي لحروف القرآن العظيم، وكيف تأتي لغة الأرقام متناسبة مع المعنى اللغوي للآية.
    اللهمَّ ربَّنا تقبَّل منا هذا العمل واجعله خالصاً لوجهك الكريم، واجعل فيه النفع والخير والهداية لكل من يطلع عليه.
    رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ...

    المهندس عبد الدائم الكحيل
    باحث في إعجاز القرآن والسنَّة
    kaheel7@yahoo.com

    الفصل الأول
    تطوّر الإعجـاز في القـرآن الكـريم

    لقد تعهَّد الله عزَّ وجلَّ أنه سيُرينا آياته باستمرار فقال: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [النمل: 93]. ونعلم من قواعد اللغة أن حرف السين في قوله تعالى: ﴿سَيُرِيكُمْ﴾ يشير إلى المستقبل. وهذا يعني أن آيات الله ومعجزاته مستمرة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولذلك نرى في كل عصر من العصور إعجازاً جديداً لكتاب الله سبحانه وتعالى.
    وسوف نعدِّد بعض جوانب الإعجاز القرآني وبشكل خاص الإعجاز في ميادين العلم الحديث لأنه الأكثر انتشاراً في عصرنا هذا، لنَخلُص إلى نتيجة مهمَّة وهي أن الإعجاز في علم الرياضيات هو أحد جوانب المعجزة القرآنية المتجدِّدة، والذي جاء مناسباً لعصرنا هذا ونحن نعيش بداية القرن الحادي والعشرين.
    فقد بدأتْ رحلة الإعجاز القرآني بما سمّاه العلماء الإعجاز البياني أو اللغوي، وبما يتناسب مع عصر البلاغة الذي كان مسيطراً زمن نزول القرآن. ثم ظهرت بعد ذلك أنواع متعددة لإعجاز القرآن مثل الإعجاز الغيبي والتشريعي. أما في العصر الحديث فظهر الإعجاز العلمي بمختلف أنواعه الطبي والفلكي والنباتي وغير ذلك. وقد يكون آخر أنواع الإعجاز هو ما نشهده اليوم وهو ما سمّاه العلماء بالإعجاز الرقمي.
    الإعجاز البياني واللغوي
    وهذا النوع من أنواع الإعجاز هو أول نوع ظهر في القرآن الكريم. فقد نزل القرآن في قوم برعوا بالبلاغة والشعر والفصاحة، وتحدَّاهم بما برعوا فيه.
    وقد درس علماؤنا بلاغة القرآن قديماً وحديثاً وأثبتوا بأنه لو تغيّر موضع كلمة أو آية أو سورة من كتاب الله عزّ وجلّ لاختلّ البناء البياني المحكم لهذا الكتاب العظيم.
    كما أثبتوا أنه لا يمكن لبشر أن يأتي بمثل القرآن مهما بلغ من الفصاحة والبيان. ويكفي أن نعلم بأن القرآن متناسق من الناحية اللغوية من أول كلمة وحتى آخر كلمة فيه.
    ولكي نأخذ فكرة عن دقّة كلمات القرآن نقرأ قوله تعالى عن النار: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: 71]. ثم يقول عن الجنة: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾ [الزمر: 73].
    وعندما بحث العلماء عن سرّ وجود واو العطف في الآية الثانية وعدم وجودها في الأولى وجدوا أن النار تكون مغلقة الأبواب، وكلما جاء فوج من أهل النار تفتح النار أبوابها ثم تغلقها، وهذا يناسبه قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾، أي كانت مغلقة ثم فتحت.
    ويقول أيضاً عن عذاب أهل النار: ﴿عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ﴾ [البلد: 20]. أي ذات أبواب مغلقة عليهم.
    بينما نجد أن الجنة مفتوحة الأبواب دائماً، وهذا يناسبه قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا﴾، فالواو هنا تدلّ على أن الأبواب كانت مفتوحة لهم من قبل أن يدخلوها. يقول تعالى عن أهل الجنة ونعيمهم فيها: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ﴾ [ص: 50].
    وتأمل معي لو أن أحداً أضاف على هذه الآية حرف الواو أو حذفه من تلك الآية، فهل يبقى من هذا الإعجاز شيء؟ إذن الإعجاز اللغوي للقرآن هو دليل على أنه صادر من الله وأن الله حفظه من التحريف. وهنالك الكثير من الأمثلة الرائعة في كتاب الله تعالى حول هذا الوجه من وجوه الإعجاز.
    الإعجاز النفسي والتربوي
    لقد نزل القرآن بأسلوب رائع يلامس القلب والعقل معاً. ومهما كرَّر المؤمن تلاوة القرآن فلا يملُّه أبداً، بل يجد لذَّة ومتعة في تلاوته وتكرار آياته وسوره.
    هذه الظاهرة النفسية لا توجد في أي كتاب من كتب البشر، فالإنسان بطبيعة تكوينه يملّ التكرار، وتجده إذا قرأ قصيدة من الشعر أو قصة عدَّة مرات اختفت لذة قراءة هذه القصة أو القصيدة، وبدأ يبحث عن غيرها. أما في كتاب الله تعالى فتجد المؤمن يقرأ مثلاً سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ مئات المرات بل آلاف المرات ولا يملّ منها أبداً، بل في كل مرة يزداد حباً للقرآن ويزداد شوقاً وتلهُّفاً لتلاوة المزيد من آياته.
    ولو تأملنا قصص الأنبياء في القرآن ومواقفهم وردود أفعال قومهم، لرأينا الكثير من الحقائق النفسية والفلسفية تتجلى في هذا الكتاب العظيم، قبل أن يكتشفها العلماء بقرون طويلة.
    الإعجاز التشريعي
    القرآن هو دستور ينظّم علاقات البشر مع بعضهم ومع خالقهم. وكلما تقدم العلم ثبُت صدق هذا التشريع الإلهي وأنه هو الحق. فالقرآن لم يأمرنا بشيء إلا وفيه الخير والنفع، ولم ينهنا عن شيء إلا وأثبت العلم ضرره.
    فعندما حرّم القرآن الخمر اعترض بعض المنافقين على ذلك بحجَّة أنه دواء يشفي من الأمراض، فأكد لهم الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام بأن الخمر داء وليست بدواء.
    وعندما جاء العصر الحديث أثبت العلماء بالدليل القاطع الأضرار الكبيرة لتعاطي الخمور بأنواعها، وليس في الخمر أي دواء أو شفاء، بل على العكس، فهي تسبب مئات الأمراض تبدأ من الكبد وتنتهي بالسرطان.
    الإعجاز في علم الفلك
    لقد تناول القرآن في عدّة مئات من آياته حقائق كونية وفلكية لم يكشف عنها العلم إلا مؤخراً في القرنين العشرين والحادي والعشرين.
    ومن الأمثلة الرائعة التي قدّمها القرآن ما يسمّيه العلماء اليوم بالنسيج الكوني. فقد قام أحد العلماء حديثاً باستخدام السوبر كمبيوتر في رسم صورة للكون إذا أردنا أن ننظر إليه من خارج الكون!
    لقد أدخل في أضخم أجهزة الكمبيوتر بيانات حول ملايين المجرات في الكون، حجم كل مجرة وبعدها وموقعها وشدة إضاءتها وسرعة حركتها، وأعطى أمراً للكمبيوتر بوضع كل مجرة في مكانها على الشاشة.
    وقد عمل الكمبيوتر لمدة أسبوعين متواصلين لإنجاز هذه المهمة، وكانت النتيجة أنه رسم صورة تشبه النسيج المحبوك! فالمجرات تصطفّ على شكل خيوط شديدة الإحكام وترتبط فيما بينها بشكل يشبه تماماً النسيج الذي يحبكه العنكبوت.
    وعلى الفور سارع العلماء لإطلاق اسم «النسيج الكوني» على ما شاهدوه بأعينهم، ولكنهم وللأسف نسوا بأن القرآن العظيم قد سبقهم لهذا الاكتشاف بأربعة عشر قرناً!
    يقول تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ [الذاريات: 7]. وكلمة ﴿الْحُبُكِ﴾ هنا تشير بوضوح كامل إلى النسيج المحبوك، أي المتقن الصنع. فسبحان الله!!
    ولو ذهبنا نتتبَّع آيات الله تعالى في السماء والكون والنجوم والثقوب السوداء وتوسع الكون والانفجار الكبير وغير ذلك من إعجاز القرآن الفلكي والكوني، سوف نحتاج لمجلدات ضخمة.
    ويمكن لمن أحب الاستزادة من بحر إعجاز القرآن الكوني أن يدخل إلى موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنَّة على شبكة الإنترنت، ليطلع على مزيد من عجائب القرآن التي لا تنقضي.
    الإعجاز في علم الأرض
    لقد تحدث القرآن عن كثير من الحقائق العلمية في علم الأرض والجبال وعلم طبقات الأرض. ومن الأشياء المذهلة التي تحدث عنها القرآن بوضوح عدد طبقات الأرض وشكل هذه الطبقات.
    يقول تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: 12]. فهذه الآية تشير بوضوح إلى عدد طبقات الأرض وهو سبعة.
    أما شكل هذه الطبقات فقد تحدث عنه القرآن في قوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا﴾ [الملك: 3]. أي أن السماوات عبارة عن طبقات يغلف بعضها بعضاً، وبما أن الله تعالى قال: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ فهذا يعني أن الأراضين السبع أيضاً هي طبقات يغلف بعضها بعضاً.
    والشيء العجيب أن علماء الأرض عندما قاموا بدراسة تركيب الأرض وجدوا أن هنالك سبع طبقات يغلف بعضها بعضاً، وهو ما تحدث عنه القرآن الكريم بشكل واضح!
    كذلك تحدث القرآن عن شبكة الصدوع التي اكتشفها العلماء والتي تقسم القشرة الأرضية إلى مجموعة من الألواح. والقرآن لم يقل: «ذات الصدوع»، بل قال: ﴿ذَاتِ الصَّدْعِ﴾، لأن العلم أثبت أن شبكة الصدوع متصلة ببعضها، وهي حقاً صدع واحد! يقول تعالى: ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ [الطارق: 12].
    الإعجاز في علم البحار
    لقد تناول القرآن الكريم البحار وتحدث عن أعمق نقطة فيها. فقد العلماء أمواجاً عميقة في قاع المحيطات، وأثبتوا أن قاع البحر فيه ظلمات شديدة.
    لم يكن هذا الاكتشاف جديداً بالنسبة لكتاب الله تعالى، فقد تحدث القرآن عن هذه الأمواج وهذه الظلمات بكل وضوح في قوله تعالى: ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ [النور: 40].
    كما تحدث القرآن عن الحمم المنصهرة التي تشعل الماء في قاع البحار فقال: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ [الطور: 6]. كما تحدّث القرآن عن برزخ بين البحر المالح والنهر العذب في المنطقة التي يصبّ عندها النهر في البحر. فقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا﴾ [الفرقان: 53]. وقد أثبت العلم وجود هذا الفاصل والجدار المائي بين النهر والبحر.
    وتحدث أيضاً عن برزخ بين البحرين المالحين فقال: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: 19-20]. وقد ثبُت أيضاً أن كل بحر من بحار الدنيا له خصائص تختلف عن الآخر، وعلى الرغم من امتزاج واختلاط هذه البحار عبر المضيقات، إلا أنه يبقى كل بحر محافظاً على خصائصه آلاف السنين، فلا يطغى بحر على آخر!
    الإعجاز في علم النبات
    هنالك الكثير من الحقائق النباتية التي تحدث عنها القرآن الكريم. ومن أجمل ما رأيتُ في هذا المجال قول الله تعالى: ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾ [الحج: 5]. ففي ثلاث كلمات هنالك معجزة عظيمة! فقد وجد العلماء أن الأرض عندما ينزل عليها ماء المطر، تبدأ ذرات التراب بالاهتزاز بحركة سريعة، ثم يبدأ حجم التراب بالازدياد، وبعد ذلك تأتي عملية الإنبات.
    إذن: ذرات التراب تهتزّ، حجم التراب يتمدّد بسبب خاصية أودعها الله في التراب، ومن ثم تصبح الظروف مهيّأة لنموّ النبات وخروجه من الأرض، أي أننا أمام ثلاثة مراحل.
    وهذا ما حدثنا عنه القرآن بثلاث كلمات فقط في قوله تعالى عن الأرض الهامدة بعد أن نزل عليها الماء: ﴿اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ﴾!! فهل هذه مصادفات أم معجزات؟
    الإعجاز الطبّي
    لم يترك القرآن علماً إلا وتحدث عنه، يقول تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾[النحل: 89].
    فقد تحدث القرآن عن مراحل تطور الجنين بدقة بالغة، وقد كانت هذه المعجزة سبباً في إسلام الكثيرين. ومن هؤلاء أشهر علماء الغرب في علم الأجنة وهو الطبيب الكندي «كيث مور» الذي ألَّف مرجعاً عالمياً في مراحل تطور الجنين، ودُرِّس في كبرى جامعات العالم.
    وعندما قرأ ما جاء في القرآن من قول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: 12-14]. وجد أن هذه الآيات تطابق تماماً العلم الحديث، فكانت هذه الآيات سبباً في إيمانه ورؤيته نور الحق.
    الإعجاز الغيبي
    لقد حدثنا القرآن عن أشياء من علم الغيب لم يكن لأحد علم بها وقت نزول القرآن والتي كانت سبباً في إسلام بعض العلماء. فهذا هو الدكتور موريس بوكاي أحد أشهر أطباء فرنسا والذي أشرف على تحليل جثة أحد الفراعنة وقرّر أنه أول من يرى هذا الفرعون، وأنه مات غرقاً في البحر، ونجا بجسده من حيتان البحر بمعجزة مذهلة!
    وعندما سمع قول الله تعالى عن فرعون: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس: 92]. فعلم أن القرآن هو الحقّ، لأنه لا يمكن لأحد من البشر أن يطلع على حقيقة هذا الفرعون والذي مضى على موته أكثر من ثلاثة آلاف سنة! فكانت هذه الآية سبباً في اعتناقه الإسلام. وهنالك الكثير من المعجزات التاريخية والغيبية في القرآن الكريم لم تنكشف حقائقها علمياً إلا منذ عهد قريب.
    الفصل الثاني
    بداية الـرحـلة مع الإعجاز الرقمي

    منذ عشرين عاماً اطلعتُ على كتيِّب بعنوان (عليها تسعة عشر) للدكتور رشاد خليفة، وقد أبهرتني الأرقام والتناسقات الرقمية القائمة على العدد 19. ولكن بعد عدة سنوات انقلبت الأمور بعدما علمت بأن الأرقام الواردة في هذا الكتيِّب معظمها غير صحيح. وازداد الأمر سوءاً عندما علمتُ بأن رشاد خليفة قد ادعى النبوَّة وأصبح يتنبّأ بموعد يوم القيامة! واغتيل بعد ذلك في منزله في الولايات المتحدة الأمريكية!!
    ثم أصبحتُ غير مقتنعٍ على الإطلاق بفكرة الإعجاز الرقمي، والذي زاد من إنكاري لهذا العلم أنني سمعتُ وقرأت لعلماء كبار يشكِّكون في هذا النوع من الإعجاز بل وينكرونه، والنموذج الذي يستشهدون به دائماً هو رشاد خليفة وادعاؤه النبوَّة وانحرافه. بل ومنهم من يحذّر من دراسة الأرقام القرآنية لكي لا يقع في المحذور الذي وقع به رشاد! حيث وصل به الأمر لتحديد موعد قيام الساعة!! والذي سيكون وفق حساباته عدداً من مضاعفات الرقم 19 وهو في عام 1710 هجرية!!!
    واستمر الحال على ما هو عليه حتى بدأتُ أحفظ كتاب الله تعالى وأكرِّر آياته وأتدبّر معانيه وبلاغته وإحكامه. وأصبحتُ مقتنعاً بأن إعجاز القرآن إنما يكون بلغته وبيانه وأحكامه وليس بحساباته وأرقامه. ولكن بعد ذلك تغيرت الحال فأصبحتُ أمضي معظم وقتي في دراسة الإعجاز الرقمي، لنقرأ.
    لقاء مع ملحد!
    وقد شاء الله تعالى أن ألتقي مع أحد الملحدين الذين تأثروا بالغرب وأفكاره المادية وأصبح كل شيء عندهم بالحسابات والأرقام.
    وبعد عدة مناقشات بيني وبينه اكتشفتُ بأن أسلوب التفكير عند هؤلاء الملحدين واحد. وهو أنهم يحاولون أن يخطِّئوا أي مؤمن يناقشهم في الدين، بل ويحاولون جاهدين أن يقنعوه بأنه إنسان مغفل، وأنه لا يوجد إله لهذا الكون، إنما هي الطبيعة بقوانينها وأزليتها.
    لقد أطلعتُه على بعض الآيات القرآنية والتي تأثرتُ ببلاغتها ومعانيها عندما كنتُ أحفظها. وكنتُ أقول له: هل يمكن أن نجد في كلام البشر مثل هذه البلاغة والبيان؟
    وكان جوابه على الفور: نعم ففي أبيات الشعر العربي القديم ما هو أكثر بلاغة!! وأستغفر الله العظيم، ولكن هذه هي عقيدتهم وهذا هو منهجهم في الردّ.
    ولكي يغلق عليّ باب النقاش في اللغة والبلاغة، أردف قائلاً: انظر إلى روايات الأدب الإنكليزي وأقوال حكماء الهند وأتباع بوذا لتجد ما هو أكثر بلاغة أيضاً!!!
    وبعد مناقشات كثيرة حول معجزات للقرآن، مثل تنبؤ القرآن بانتصار الروم بعد هزيمتهم في أوائل القرن السابع الميلادي، ومثل حديث القرآن عن الأمواج العميقة في البحر اللُّجِّي والبرزخ بين البحرين، وحديث القرآن عن أوتاد للجبال داخل الأرض، ومراحل تطور الجنين، وغير ذلك من وجوه الإعجاز التاريخي والعلمي والتشريعي، وجدته يردّ بعبارة يكررها: "إنني لستُ عالماً بالبحار ولا الجبال ولا الطب"!!
    ولم أجد أمامي إلا لغة الأرقام لأناقشه فيها بعدما سدّ أي مجال للحوار على الرغم من عدم اقتناعي بهذا العلم وقتها. وبدأت أذكر له بعض الحقائق التي قرأتها في كتب الإعجاز العددي في التناسق مع الرقم 19.
    ففتحتُ القرآن على أول آية منه وهي: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ وقلتُ له إذا قمتَ بعدّ حروف هذه الآية فستجد 19 حرفاً، وإذا بحثتَ عن عدد مرات ذكر هذه الآية فستجد أن هذه الآية الكريمة قد تكررت في القرآن كله 114 مرة أي من مضاعفات الرقم 19 (حيث 114÷19=6). فهل جاء هذا التناسق مع الرقم 19 بالمصادفة؟
    ارتباك وهروب!
    لقد وجدته يقف ويتأمل ويرتبك لهذه المفاجأة، فهو لم يستطع الهروب من لغة الرقم القوية. بل لم يجد أمامه إلا أن قال لي: "إن هذه مصادفة". وتابعتُ في مثال آخر أكثر تعقيداً فقلتُ له: هل تعلم أن في القرآن سوراً بدأت بحروف مقطَّعة حيَّرت المفسِّرين وأعيت الباحثين، ومنها سورتان في مقدمة كل منهما حرف القاف الذي هو أول حرف في كلمة ﴿قرآن﴾.
    السورة الأولى هي سورة (الشورى) والسورة الثانية هي سورة (ق)، ومع أن السورة الأولى أطول بكثير من السورة الثانية، إلا أنك إذا عددتَ حروف القاف في كل سورة من هاتين السورتين فستجد بالضبط 57 حرفاً، وهذا العدد من مضاعفات الرقم 19 أي هو ثلاثة أضعاف الرقم 19 فهو يساوي: 19×3.
    ولكنه عاد فقال لي "إن هذه مصادفة أيضاً"! فقلتُ له إذن ما هو مجموع حروف القاف في هاتين السورتين؟ وعلى الفور قال: إن عدد حروف القاف في كل سورة هو 57 حرفاً، فيكون المجموع مساوياً: 57+57 وهذا العدد يساوي 114. فقلتُ له هل تعلم كم هو عدد سور القرآن الكريم؟ فقال: 114 سورة، فقلتُ إذن:
    هل هذه مصادفة أن تأتي سورتان في القرآن وتبدأ كل منهما بحرف القاف، وعلى الرغم من أن السورة الأولى أطول من الثانية بكثير إلا أن عدد حروف القاف في كل منهما جاء واحداً!! وهل المصادفة جعلت عدد حروف القاف في السورتين مساوياً 114 بعدد سور القرآن العظيم؟
    وهل مصادفة أن تبدأ كلتا السورتين بحرف القاف وحرف القاف هو أول حرف في كلمة ﴿قرآن﴾!!! وهل مصادفة أن تتحدث كلتا السورتين في مقدمتهما عن القرآن؟؟
    إن السورة الأولى وهي سورة الشورى بدأت بالحديث عن الوحي بالقرآن: ﴿حم * عسق * كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الشورى:1-3]. والسورة الثانية وهي سورة (ق)، وهذه السورة العظيمة أيضاً بدأت بالحديث عن القرآن، يقول تعالى: ﴿ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ﴾ [ق: 1].
    أليس في هذا إشارة إلى أن حرف القاف في مقدمة السورتين يرمز للقرآن، وجاء تكرار هذا الحرف في كلتا السورتين مساوياً لعدد سور القرآن الـ 114، هل هذه مصادفات؟
    إن هذه التناسقات العجيبة جعلت صديقنا الملحد يتخبَّط ويقلِّب الورقة التي كتبتُ الأرقام عليها، ويحاول أن يخطِّئ هذه الأرقام، ولكنه لم يستطع، لأنني ببساطة أخبرته بأن الأعداد صحيحة، ويستطيع أن يعدّ الحروف بنفسه.
    وبعد تفكير طويل انتفض قائلاً: وهذه صدفة أيضاً! ثم قال: "إذا أثبتّ لي بأن القرآن كلَّه منظّم بنظام رقمي كهذا فإنني سأقتنع به".

    بداية رحلة جديدة
    وبدأتُ من جديد بالبحث في كتب الإعجاز الرقمي عن حقائق رقمية مذهلة، ولكنني لم أعثر إلا على بدايات لتناسقات عددية قائمة على الرقم 19 وغيره من الأرقام الأولية. وهذه التناسقات لم تكن كافية لهذا الملحد أو غيره لإقناعهم بوجود نظام رقمي محكم يشمل كافة حروف القرآن وكلماته وآياته وسوره.
    لقد ذهبت الظروف التي جمعتني بذلك الملحد، ولكن الكلمة التي قالها بقيت في ذاكرتي: "إذا أثبتَّ لي بأن القرآن كلَّه منظّم بنظام رقمي كهذا فإنني سأقتنع به".
    وبدأتُ رحلة في عالم القرآن، وغيَّرتُ منهج التفكير عندي وقلتُ: ما هو المانع أن يكون القرآن متناسقاً بأعداد كلماته وحروفه؟ ولماذا أرفض فكرة الإعجاز الرقمي؟
    أليس الله تعالى هو من أنزل القرآن؟ إذن لا بدّ أن نجد فيه التناسق والنظام في كل شيء، وليس في بعض الآيات أو الكلمات، بل جميع القرآن منظَّم ومحكم ومتناسق. وبما أن الله تعالى هو الذي وضع هذا التناسق الرقمي فلا بدّ أن يكون من ورائه هدف كبير، فالله تعالى لا يضع في كتابه شيئاً عبثاً.
    وتذكرتُ قول الحقّ عزّ وجلّ: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82]. وأدركتُ بأن هذه الآية تتضمن دعوة لتأمُّل التناسق والنظام في كلام الله تبارك وتعالى، وتمييزه عن العشوائية والاختلاف والتناقض الموجود في كلام البشر.
    وأنه يجب عليَّ أن أتدبّر النظام والتناسق الموجود في القرآن الكريم، ليس لأنني أشكّ في كتاب الله، أبداً، إنما لأزداد علماً ويقيناً وتعظيماً للكتاب الذي سيكون شفيعاً لي أمام الله يوم يتخلى عني أقرب الناس، ويبقى عملي وخدمتي لكتاب الله جلَّ وعلا.
    وبدأتُ أدعو الله بإخلاص أن يختصَّني بعلمٍ من عنده، وأن يجعل في هذا العلم النفع والفائدة، وبدأتُ أستعيذُ بالله من علمٍ لا ينفع، كما علَّمنا الرسول الأعظم عليه صلوات الله وسلامه. وأسأله سبحانه وتعالى أن يجعل في هذا العلم النفع والخير والهداية لما يحبُّه ويرضاه.
    ومرَّت عدة سنوات من البحث المتواصل في ظروف هيَّأها الله لي، وكانت سبباً في تفرّغي الكامل طيلة اليوم والليل لعدّ حروف القرآن وكلماته، ومحاولة إيجاد واكتشاف البناء الرقمي لهذه الآيات.
    وكان الشيء الذي يجعلني أتحمَّل عناء هذا البحث الشائك هو أنني سأحصل على الفائدة مهما كانت النتيجة. فإذا كان الإعجاز الرقمي موجوداً، فيكون الله تعالى قد سخَّرني لإظهار معجزة جديدة في كتابه قد يكون لها الأثر الكبير في هداية بعض الملحدين إلى طريق الله تعالى.
    وإذا كان هذا النوع من الإعجاز غير موجود، فإن الله تعالى يكون قد سخَّرني للتحذير من هذا العلم وأوهامه وأن هذه الأرقام لا فائدة منها.
    وفي كلتا الحالتين فإن الأجر والثواب ثابت بإذن الله تعالى، وما دام الإخلاص والتوجّه إلى الله تعالى بقلب سليم ونيَّة صافية موجوداً، فلا بدَّ أن يهديَني الله تعالى إلى الطريق الصحيح، فهو القائل: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: 11]، وهو القائل أيضاً: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: 3].
    أخطاء مقصودة أو غير مقصودة
    لقد كنتُ أقرأ ما كُتب في الإعجاز العددي، وأُفاجأ دائماً بخطأ مقصود أو غير مقصود، والشيء الذي يجعلني غير مقتنع بهذه الكتب هو أن الكاتب لا يتبع منهجاً ثابتاً، بل يغير منهج حساباته ليحصل على نتيجة موجودة سلفاً في ذهنه، ويظهر وكأنه يلوي أعناق النصوص لتتفق مع حساباته.
    وبعضهم يقحم أرقاماً من خارج القرآن، والبعض الآخر يعتبر أي نتيجة يخرج بها على أنها معجزة، وينسى أن المصادفة قد تلعب دوراً كبيراً في هذه النتائج. إن كثرة الأخطاء الحسابية والمنهجية في بعض ما كُتب في الإعجاز العددي جعلتني أكثر إصراراً على تتبع الحقائق الرقمية في كتاب الله تعالى، بهدف الوصول إلى الحقيقة.
    وقلتُ إن المعجزة إذا كانت موجودة فيجب أن تكون واضحة وبيِّنة ولا تحتاج لطرق ملتوية لإظهارها. فقد وصف الله تعالى كتابه بأنه كتاب مبين واضح، يقول تعالى: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ [الزخرف: 2].
    وقلتُ أيضاً: إن الإعجاز يجب أن يشمل القرآن كلَّه بجميع حروفه وكلماته وآياته وسوَرِه، ويجب أن تكون هذه المعجزة برهاناً مادياً على أن الله تعالى قد حفظ كتابه من أي تحريف أو زيادة أو نقصان، وأنه إذا تغير موضع حرف من حروف القرآن فإن هذا النظام الرقمي سيختل، وأن وجود هذا النظام هو دليل على أن القرآن كتاب صادر من عند الله تبارك وتعالى.
    وهذا يعني أنه لو تغير ترتيب كلمة من كلمات القرآن فإن ذلك سيؤثر على البناء الرقمي، إذن المعجزة يجب أن تراعي تسلسل الكلمات والآيات ولا تقتصر على أعداد الحروف ومجموعها، بل على ترتيب هذه الحروف في كل كلمة من كلمات القرآن الكريم.
    وفي ظل هذه الرؤية ينبغي أن ندرس حروف القرآن بطريقة جديدة، ولجأتُ إلى الرياضيات الحديثة وما فيها من أنظمة رقمية مثل السلاسل الحسابية. وتبين لي بأن هذه السلاسل الرياضية تدخل في كل العلوم الحديثة بدءاً من علم الذرة وحتى علوم الفضاء. وأن آلية عمل أجهزة الكومبيوتر تعتمد على السلاسل الرقمية الثنائية.
    نتيجـة مذهـلة
    لقد قمتُ بكتابة الآيات القرآنية كما كُتبت في القرآن وعدّ حروف كل كلمة، أو عدّ حروف اسم ﴿الله﴾ تعالى في كل كلمة، أو عدّ حروف ﴿الـم﴾ وغير ذلك، وقراءة العدد الناتج بطريقة صفّ الأرقام حسب تسلسلها في كتاب الله عز وجل، وكانت النتيجة المذهلة جداً أن جميع الأعداد الناتجة كانت من مضاعفات الرقم سبعة.
    وقد أمضيتُ سنتين في دراسة هذا النظام السباعي، وبعد أن حصلتُ على آلاف الحقائق الرقمية، ثبُت لي أن حروف القرآن منظّمة بنظام رقمي معجز يقوم على الرقم سبعة، هذا الرقم الذي ميّزه الله تعالى على كل الأرقام، فهو يدخل في نظام الكون وفي العبادات وفي الذكر والشفاء.
    ولكن الملحد يحاول دائماً الالتفاف على الحقيقة والإتيان بحجج واهية لإثبات أن هذه المعجزة هي محض مصادفات. ولذلك فقد بدأتُ أركّز البحث في آيات محددة، بل في مقطع من آية، وذلك لدفع أية شبهة حول المصادفة في هذه الأرقام. وقد هداني الله تعالى لمنهج جديد وهو البحث عن الإعجاز داخل الآية ذاتها.
    ولكن قبل ذلك ينبغي أن نلقي الضوء على أهم التساؤلات التي يواجهها اليوم الإعجاز العددي.
    الفصل الثالث
    إجـابات عن تسـاؤلات مطـروحة

    هنالك العديد من الأسئلة التي وردتنا بعد صدور الطبعة الأولى من هذا الكتاب. فقد تساءل بعض القراء حول الفائدة التي يقدمها الإعجاز الرقمي بالنسبة للمؤمن. وتساءل آخرون حول احتمال أن تكون هذه النتائج قد جاءت بالمصادفة!
    ومنهم من تساءل حول سرّ رسم كلمات القرآن بشكل فريد ومميز، حيث إن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي رُسمت كلماته بطريقة خاصة. ونجد أسئلة أخرى تتعلق بعلم الغيب، وهل هنالك علاقة للأرقام بالتنبؤ بالمستقبل؟ وغير ذلك من التساؤلات.
    وفي هذا الفصل سوف نستعرض أهم التساؤلات التي طرحها علماء ومختصون وقرَّاء حول هذا الكشف الإعجازي الجديد. وسوف نجيب عنها بإذن الله تعالى بمنهج علمي وشرعي.
    ونؤكد بشدة على أن القرآن متناسق في حروفه وكلماته، وأن الإعجاز الرقمي هو علم صحيح، ولو أننا رأينا بعض الأخطاء من بعض من بحثوا في هذا العلم، وهذا لا يعني أبداً أن المعجزة العددية غير صحيحة. لنقرأ الفقرات الآتية.

    هنالك سؤال في كثير من المواقف التي تحاورتُ فيها مع بعض أهل العلم وهو: لماذا ندرس الإعجاز الرقمي، وما هي الفائدة من دراسة هذا العلم الجديد؟
    أقول دائماً: بما أن الله تعالى هو من أودع هذه المعجزة في كتابه، فلا بدّ أن يكون منها فائدة، لأن الله تعالى لا يضع شيئاً في كتابه عبثاً. وأهم الفوائد التي لمستها خلال دراستي لهذا العلم يمكن تلخيصها بما يلي:
    في دراستنا للإعجاز العددي نستجيب لنداء الله تعالى عندما يقول: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]، ففي هذه الآية دعوة لتأمّل التناسق والنظام في كلام الله تعالى، والتفريق بينه وبين الاضطراب والعشوائية والاختلاف الموجود في كلام البشر.
    وتدبّر القرآن لا يقتصر على إعجازه البلاغي أو العلمي أو التشريعي، إنما هنالك علم مهم موجود في القرآن وهو علم الأرقام، فالتناسق الرقمي الذي نراه في القرآن لا يمكن أن يوجد في أي كتاب بشري، ولو كان هذا القرآن من صنع بشر لما رأينا فيه هذا النظام العجيب.
    ثم إن الإعجاز الرقمي هو أسلوب جديد في كتاب الله يناسب عصرنا هذا، الهدف منه هو زيادة إيمان المؤمن كما قال تعالى: ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً﴾ [المدثر: 31]. وهذا يعني أن الإيمان يزداد، وتأمل معجزات القرآن تزيد المؤمن إيماناً بالله تعالى.
    هذه المعجزة هي وسيلة أيضاً لتثبيت المؤمن وزيادة يقينه بكتاب ربه لكي لا يرتاب ولا يشكّ بشيء من هذه الرسالة الإلهية الخاتمة. وهو كذلك وسيلة فعالة لإقامة الحُجَّة على من ينكر كلام الله تعالى.
    أخي القارئ! ألا تحبّ أن يكون القرآن رفيقك في الدنيا والآخرة وعند لقاء الله تعالى ؟ ألا تحبّ أن يكون القرآن نوراً لك في ظلمات قبرك عندما يتخلى عنك أقرب الناس إليك؟ ألا تحبّ أن يكون القرآن شفيعاً لك أمام ربّك يوم القيامة؟
    إذن كيف سيقدّم لك القرآن كل هذه الأشياء وأنت لم تقدّم له شيئاً؟ واعلم بأن دراسة معجزات القرآن مهما كان نوعها وتبليغها للمؤمنين وغير المؤمنين، هو من أحسن الأعمال، يقول تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33].
    إن البحث في الإعجاز الرقمي لا يعني أننا أهملنا بقية وجوه الإعجاز، مثل الإعجاز العلمي والبياني والتشريعي وكذلك الإعجاز في علوم الطب والنبات والغذاء والجبال والبحار والكون ....
    وينبغي على المؤمن أن يتدبّر القرآن من كل الوجوه، فمعجزات القرآن الكريم لا تنفصل عن بعضها، بل يكمِّل بعضها بعضاً.
    والإعجاز الرقمي هو جزء لا ينفصل عن المنظومة الإعجازية للقرآن الكريم والتي تضمّ آلاف المعجزات المتنوعة والمتجددة.
    إن المناهج الملتوية لدراسة الإعجاز الرقمي وإقحام حسابات وأرقام لا يرضاها الله تعالى، ولا يُبتغى بها وجهه الكريم، فإن هذا لا فائدة منه ويعود بالضرر على المسلمين.
    وقد وجدتُ بأن معظم علمائنا حفظهم الله تعالى يؤكدون بأنه إذا ما جاء من يستخرج من كتاب الله جلَّ وعلا إعجازاً رقمياً صحيحاً مدعوماً بالحُجَّة والبرهان، فمثل هذا العمل لا غبار عليه ولا يعارضه أحد.
    بل ينبغي أن نستفيد منه في خدمة علوم القرآن. ولا ينبغي أن نقف موقف المعارض من أي بحث قرآني جديد لمجرّد أخطاء الآخرين فيه.
    لنتأمل قول الحق تبارك وتعالى:
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 2].
    إن بعض القراء ممّن اطلعوا على هذا العمل ورد منهم تساؤل وهو: هل يمكن أن تكون النتائج الرقمية الواردة في هذا البحث قد جاءت عن طريق المصادفة؟
    أحبُّ أن أؤكد بأن الله تعالى قد وضع قانوناً رياضياً يعترف به كل إنسان يعلم شيئاً قليلاً عن لغة الأرقام، ألا وهو قانون الاحتمالات الرياضي، أو بكلمة أخرى احتمال المصادفة في عمل ما.
    وهذا القانون يقضي بأن المصادفة لا يمكن أن تتكرر دوماً وبالشكل نفسه، إنما هنالك حدود لهذه المصادفة.
    فقد نجد في جملة من كتاب أو مقطع من شعر، أن عدد حروف هذه الجملة يتناسب بشكل ما مع الرقم سبعة، وقد نجد جملة ثانية أو ثالثة فيها تناسق مع هذا الرقم.
    ولكن والمؤكد أن هذه القاعدة لا يمكن أبداً أن تنطبق على الكتاب كلِّه! بل مهما بحثنا في كتب البشر لا نجد أي تناسق رقمي يُذكر.
    هذا في كتب البشر، أما في كتاب ربّ البشر جلَّ وعلا فإننا مهما بحثنا ومهما درسنا فسوف نجد جميع آياته وحروفه وكلماته وسوره تسير بنظام دقيق وعجيب، وتأتي جميع الأرقام من مضاعفات الرقم سبعة!! والأمثلة التي سنراها في هذا الكتاب لهي دليل مادي على ذلك.
    هنالك الكثير من العلماء وخصوصاً المهتمين بقراءات القرآن العشر يطرحون سؤالاً مهمّاً وهو: هل ينطبق الإعجاز الرقمي على جميع روايات القرآن؟
    يقول تعالى عن القرآن الكريم: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]. يمكنني أن أقول بأن الإعجاز الرقمي يشمل جميع قراءات القرآن، ويشمل جميع كلماته وحروفه وآياته وسوره، حتى النقطة في كتاب الله تعالى لها نظام مُعْجِزْ!
    وأنه ليس هنالك أي اختلاف في روايات القرآن ولا في تفسيره ولا في أعداد كلماته وحروفه، إنما هنالك تعدّد لهذه القراءات وتعدد للتفاسير وتعدد للمعاني، وكذلك تعدد للأرقام، بما يزيد القرآن روعة وجمالاً وتنوعاً، فالقرآن كله معجز بجميع رواياته.
    ولكن أبحاث الإعجاز الرقمي تقتصر حالياً على قراءة حفص عن عاصم، وهو المصحف الإمام، فهذه القراءة هي الأوسع انتشاراً في العالم الإسلامي، وهي الموجودة بين أيدينا اليوم، ونحن نعتمد على هذه القراءة في استخراج التناسقات الرقمية. وسوف نقوم إن شاء الله مستقبلاً بإجراء دراسة مقارنة لهذه القراءات من الناحية الرقمية، والنتيجة المؤكدة لهذه الدراسة أن كل قراءة فيها معجزة خاصة بها.
    إن وجود عدد من القراءات هدفه زيادة عجز البشر عن الإتيان بمثل هذا القرآن الذي قال الله عنه: ﴿قُلْ لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ [الإسراء: 88].
    ويجب أن نعلم بأن هذه القراءات متشابهة تماماً باستثناء حروف معدودة، ويمكن اعتبار النتائج الرقمية الواردة في هذا البحث تنطبق بنسبة كبيرة على كل المصاحف.
    والسؤال المتكرر هنا: إلى أي حد تراعي أبحاث الإعجاز الرقمي لفظ كلمات القرآن الكريم، وهل يقتصر الإعجاز على رسم هذه الكلمات؟
    يمكن القول بأن الإعجاز الرقمي يشمل الرسم واللفظ معاً، ولكن الدراسات الحالية تقتصر على رسم كلمات القرآن، ونحن نقوم ببعض الأبحاث التي تهدف إلى استخراج المعجزة الرقمية المتعلقة بلفظ كلمات القرآن، ونرجو من الله تعالى أن يمنَّ علينا ببعض أسرار كتابه.
    وهذا سؤال كثيراً ما أصادفه: هل يمكن استخدام الإعجاز الرقمي للتنبؤ بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى؟
    ينبغي أن نؤكد بأنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، وكل من يدّعي أنه استخرج تاريخاً لحدث ما في الماضي أو المستقبل من القرآن الكريم، فعليه أن يأتي بالبرهان العلمي القاطع على ذلك. ولا يعني أبداً أنه إذا توافق رقم ما مع تاريخ لحدث ما أن هذا الرقم يدلّ على ذلك التاريخ.
    وينبغي أن نتذكر دوماً قول الحق جلّ جلاله: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: 65].
    لذلك ينبغي أن نؤكد بأن أعداد القرآن بريئة من أعمال بعض الذين يستخدمونها لمعرفة الغيب، وأن الهدف الرئيسي للإعجاز الرقمي هو إظهار معجزة القرآن وبنائه من الناحية الرقمية.
    ما هي الأسباب التي أدّت إلى وقوع بعض من بحثوا في هذا العلم بأخطاء وانحرافات مثل رشاد خليفة؟
    قد يكون السبب الأساسي لكثرة الأخطاء في أبحاث الإعجاز العددي اليوم هو عدم وجود ضوابط لهذا العلم بعد. فكل باحث يصنع منهجاً خاصاً، وقد لا يلتزم به!
    لذلك فإن أي بحث رقمي يفتقر للضوابط لا يمكن قبوله حتى يبين الباحث القواعد والأسس التي سار عليها في بحثه. ومن خلال الفصل الآتي سوف نقوم بوضع ضوابط للإعجاز الرقمي وأهم الأسس التي يقوم عليها هذا البحث.
    الفصل الرابع
    أسـس وضـوابط البحـث

    لقد انطلقنا في بحثنا هذا من قاعدة متينة، وهي أننا نعدّ الحروف كما نراها في القرآن دون زيادة أو نقصان. ثم نقوم بصفّ هذه الأرقام وفق قاعدة ثابتة طيلة البحث، وأن جميع الأرقام قد تمّ استخراجها من القرآن نفسه.
    فلم نقم بإقحام أي رقم من خارج القرآن، ولم نعتمد أي قاعدة إلا إذا كانت قاعدة علمية ورياضية يعترف بها الجميع. وسوف نرى بأن جميع الأرقام الناتجة معنا من مضاعفات الرقم سبعة.
    ونؤكد للسادة القرَّاء بأن النتائج الرقمية الواردة في صفحات هذا الكتاب هي نتائج صحيحة مئة بالمئة، وقد تمّت دراستها مئات المرات قبل نشرها، بل إنني كنتُ قد وضعتُ شروطاً صارمة لقبول أية نتيجة رقمية.
    وأهم هذه الشروط انتفاء المصادفة نهائياً، أي أنه لو كان هنالك أي احتمال للمصادفة مهما كان ضئيلاً لتمّ رفض هذه النتائج، ولكن والحمد لله، جاءت جميع الحقائق واضحة وبعيدة عن المصادفة وهي معجزة بكل معنى الكلمة.
    إن أهم شيء يلاحظه القارئ في هذا البحث هو أن جميع الأرقام الواردة فيه تم استخراجها من القرآن نفسه، ولم يتم إقحام أو إدخال أي رقم من خارج القرآن الكريم. وربما يكون ذلك من أهم ضوابط الإعجاز الرقمي.

    قواعد عدّ ّكلمات وأحرف القرآن
    سوف نعدّ واو العطف كلمة مستقلّة بذاتها، وهذه الطريقة لها أساس قرآني وأساس نحوي وأساس رياضي. فإذا تأملنا طريقة رسم كلمات القرآن كما كانت زمن النبي صلى الله عليه وسلّم، نجد أن الكلمات تُكتب بدون تنقيط وبدون همزة أو أية علامات تجويد أو علامات مدّ.
    لذلك لا نعدّ هذه الإضافات مثل الهمزة وعلامات المدّ والتنقيط والتشكيل، ونحصي فقط الحروف كما جاءت في الرسم الأول للقرآن.
    وفي هذه المصاحف نلاحظ أن واو العطف كانت تُكتب مستقلة عما قبلها وما بعدها، وقد تُكتب في المصحف منفردة في نهاية السطر، ولذلك يمكن عدّها كلمة مستقلّة، إذن هذا هو الأساس القرآني لطريقة عد الكلمات والحروف.
    هنالك دليل على جواز عدّ واو العطف كلمة مستقلة ما نجده في سورة الكهف. نعلم بأن أصحاب الكهف قد لبثوا في كهفهم 309 سنوات. وهذا بنص القرآن الكريم, يقول تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾ [الكهف: 25].
    والسؤال: هل هنالك علاقة بين عدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف، وبين عدد كلمات النص القرآني؟ وبما أننا نستدلّ على الزمن بالكلمة فلا بد أن نبدأ وننتهي بكلمة تدل على زمن. وبما أننا نريد أن نعرف مدّة ما ﴿لبثوا﴾، إذن فالسرّ يكمن في هذه الكلمة.
    لنتأمل النص القرآني منذ بداية القصة وحتى نهايتها، لنجد أن الإشارة القرآنية الزمنية تبدأ بكلمة ﴿لبثوا﴾ يقول تعالى: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً﴾....
    وتنتهي بالكلمة ذاتها، أي كلمة ﴿لبثوا﴾ في قوله تعالى: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً* قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا﴾.
    والعجيب جداً أننا إذا قمنا بعدّ الكلمات مع عد واو العطف كلمة مستقلة، من كلمة ﴿لبثوا﴾ الأولى وحتى كلمة ﴿لبثوا﴾ الأخيرة، فسوف نجد بالتمام والكمال 309 كلمات بعدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف!!!
    والذي يؤكد صدق هذه المعجزة وأنها ليست مصادفة هو أن عبارة ﴿ثَلاثَ مِئَةٍ﴾ في هذه القصة جاء رقمها 300 بما يتوافق مع معنى العبارة.
    وفي هذه النتيجة دليل على جواز عدّ واو العطف كلمة مستقلة باعتبار أنها تُكتب منفصلة عما قبلها وما بعدها.
    ولو تأملنا قواعد النحو العربي نجد أن علماء النحو يصنّـفون الكلمة على ثلاثة أنواع: اسم وفعل وحرف، وبما أن واو العطف هي حرف مستقل فيمكن اعتباره كلمة على هذا الأساس.
    من الناحية الرياضية نجد أن اعتبار واو العطف كلمة مستقلة سوف يؤدي إلى عدد كبير جداً من التناسقات السباعية المذهلة، والتي تختفي فيما لو ألحقنا الواو بالكلمة التي تليها ولم نعدّها.
    ولكن العجيب أن الباحثين الذين يلحقون واو العطف بالكلمة التي تليها ولا يعدّونها كلمة مستقلة تأتي نتائجهم أيضاً منضبطة رقمياً! وهذا يدلّ على تعدّد وجوه الإعجاز الرقمي، وأننا مهما اتبعنا من طرق وأساليب لدراسة القرآن تبقى حروفه متناسقة، وهذا من عظمة القرآن.
    النظام الكوني والنظام القرآني
    إحدى آيات القرآن تتحدث عن أهمية العدد سبعة في بناء النظام الكوني: سبع سماوات وسبع أراضين. يقول تعالى : ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 12].
    لقد أمرنا الله بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط، وأن نسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، وأن نرمي إبليس بسبع جمرات، وأمرنا أن نسجد على سبعة أعضاء....
    إذن حكمة اللّه تعالى اقتضت اختيار الرقم سبعة لجعله أساساً للنظام الكوني ولنظام العبادات، فهل يدخل هذا الرقم في النظام المحكم لكتاب اللّه تعالى؟
    بكل
    عاطف صلاح
    عاطف صلاح
    الإدارة


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 105
    نقاط : 193
    تاريخ التسجيل : 23/11/2009
    العمر : 53
    العمل/الترفيه : طالب
    المزاج : مدير الموقع

    معجزة القرآن وأسراره Empty معجزة القران

    مُساهمة  عاطف صلاح الإثنين نوفمبر 30, 2009 7:27 am

    معجزة القرآن وأسراره DE142_L

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 4:03 am